هل تريد تنزيل كتاب النقد الادبي السنة الثالثة من مرحلة التعليم الثانوي المنهج الليبي الجديد 2025 برابط تحميل مباشر ومجانا pdf.
محتوى الكتاب
وعندما نبض الشعر وتطور في عهد بني أمية غلب الغزل الحضري بفعل العوامل الجديدة التي طرأت على بيئته ومجتمعه، وقد استتبع هذه النهضة الشعرية الجديدة في بيئة الحجاز نهضة أخرى في النقد الأدبي تجاربها في روحها، وتدل إلى حد ما على رقي الذوق، واتساع الأفق والنظرة، فالتفت النقاد إلى بعض جوانب النقد التي لم يلتفت إليها النقاد السابقون .
والنقد في هذه المرحلة أسهم فيه الرجال والنساء، والشعراء، وغير الشعراء، كل على قدر ذوقه وفهمه، وروحه ونوع ثقافته.
ومن ملاح تطور الأدب في هذه الفترة تذكر :
1- تصدى الشعراء أنفسهم للنقد مواكبين في نقدهم الاتجاهات الجديدة التي طرأت على الشعر، ومن ذلك أربعة من كبار الشعراء أجمعوا على تقديم عمر بن أبي ربيعة في الغزل وهؤلاء الشعراء هم: نصيب بن رباح، والفرزدق، وجرير، وجميل فيقول نصيب عنه : ( لعمر بن أبي ربيعة أوصفنا لربات الججال ، فهو يرى أنه أحسن معاصريه وصفاً لمحاسن المصوتات من القرشيات وغيرهن من نساء العرب، وقال الفرزدق عندما سمع عمر يتشبب : ( هذا
الذي كانت الشعراء تطلبه فأخطأته وبكت الديار، ووقع هذا عليه ".
والفرزدق يعزو إلى ابن أبي ربيعة نشأة الغزل كما ينبغي أن يكون، وأن ما سبقه من غزل لم يكن إلا محاولات قام بها الشعراء في سبيل اكتشاف هذا الغزل، فأخطأت طريقه وبكت الديار واكتشفه عمر بن أبي ربيعة.
وجرير يقول:
إنكم يا أهل المدينة يعجبكم النسيب، وإن أنسب الناس المخزومي، يعني ابن أبي ربيعة،
فيصفه بأنه أحسن الشعراء في باب الغزل والنسيب.
اللغويون والنحاة ودورهم في تطور النقد الأدبي
في القرن الثاني تطور النقد الأدبي، واتسعت مجالاته، وتنوعت صوره والتجاهاته، وتعددت مقاييه، ولا غرو في ذلك ففيه نشأت أكثر العلوم الإسلامية والعربية وبدأ تدوينها، ونقل إلى العربية ما نقل من علوم اليونان والفرس والهند، وفيه أيضاً أخذ الشعر والأدب يتحولان إلى فن وصناعة، بعد أن كانا يصدران عن طبع وسليقة، وكذلك ظهر من الموالي الكثير من الشعراء والأدباء والعلماء الذين عدوا عرباً، لاختلاطهم بالقبائل العربية التي صاروا ينتمون إليها بالولاء.
إن التحول الثقافي في الحياة العربية بفعل الإسلام، والاختلاط بأبناء الشعوب الأخرى الذين يتعلمون اللغة تعاماً لا سليقة، قد قوى من دور اللغويين والنحاة في الحرص على تنظيم اللغة العربية بتعرف كنهها، والبحث في مفرداتها وتراكيبها، وأعاريض الشعر فيها بحثاً يعتمد على القياس ووضع القواعد.
وكانت البصرة والكوفة أحفل المدن بالعلماء، وأغزرها ثقافة، وأبعدها أثرا في تأسيس العربية ووضع قيمها، وتوضيح سيلها، وقد أخذ النحاة في كل من البصرة والكوفة يتتبعون كلام العرب ليستنبطوا منه قواعد التحو، أو وجوه الاشتقاق، أو الأعاريض التي جاء عليها الشعر.
وطبيعي أن يؤدي هذا الاستنباط إلى نقد الشعر، لا من حيث عذوبته أو رقته أو جماله الفني، بل من حيث مخالفته للأصول التي هداهم استقراؤهم إليها في إعراب، أو وزن، أو قافية.
وقد تعمق علماء اللغة والنحو في فهم الشعر وتذوقه، وفي معرفة مميزات الشعراء، تعققاً لم يهتد إليه أحد من قبل، عرفوا أن جريرا قوي الطبع، صادق الشعور، وأن الأعشى يستعمل أنواعاً كثيرة من الأوزان في شعره، وأن شعر النابغة الذبياني قوي الصياغة متماسك، وشعر امرئ القيس مليء بالمعاني التي لم يسبقه إليها أحد، وعرفوا ضروب الصياغة، وأن منها ما هو سهل رقيق عند جرير، صعب ملتو عند الفرزدق، جزل عند الأخطل، وكذلك ضروب المعاني وأن منها ما هو فاسد، وما هو فظ ، وما هو صائب حكيم لا لغو فيه، وكذلك وقفوا على ما لكل شاعر من خصائص ومميزات، ولا سيما كبار الشعراء، وما يحسن من القول، وما يطرق من الأعاريض، وما ينظم فيه من أعاريض، وما يستعين به من اللفظ، وما يجنح إليه من رقة أو