هل تريد تحميل كتاب التربية الاسلامية للصف الثالث الثانوي منهج ليبيا 2025 بصيغة pdf؟ او تنزيل كتاب الاسلامية للسنة الثالثة بمرحلة التعليم الثانوي بي دي اف.
تمهید
الظلم - أياً كان نوعه - عاقبته وخِيمَةٌ في الدنيا والآخرة، وقد يبدو للناس أن بعض الظالمين يَتَمتَّعون في هذه الحياة: يملكون ملايين الدينارات ويسكنون البيوت الفخمة، ويركبون السيارات الفَارِهَة، ويأكلون ويشربون ما لَذَّ وطاب من أنواع المأكولات والمشروبات، ويسافرون لمختلف البلدان، لكنهم في حقيقة الأمر يعيشون حياة كَثِيبَةً، تُلاحِقُهم مَظَالِمُهم في نومهم ويقظتهم، وتراهم دائمي التفكير في اليوم الذي سَيَقْتَصُّ فيه الناس الذين ظلموهم منهم، فى حياتهم – وإن بدا للناس أنها ممتعة وادعة - حياة فزع، ولا يَدُلُّ ظاهرهُم المريح على حسن حالهم، فإن الله يمهل الظالم؛ فإما أن : إما أن يزداد إثماً، ثم يأخذه أخذاً شديداً. يتوب و
ولو قُدِّرَ أن ظالما نجا من القصاص في هذه الدنيا، فإنه ينتظره في الآخرة مصير سَيِّى فَظِيع: جهنم وبئس المصير، يبدأ بيوم الحساب العصيب، الذي تَشْخَصُ فيه الأبصار من الفزع، فتظل مفتوحة مذهولة مما ترى من الهول، وتكون القلوب فيه خاوية خالية؛ من أثر الخوف الشديد، عندها يُدرك الظالم كم كان مخطئاً في حق نفسه بظلمه، ويتمنى يومئذ لو أنه يعود للدنيا؛ ليعمل العمل الصالح، لكن هيهات.
والنص التالي من سورة إبراهيم، يصور لنا الحالة التي سيكون عليها الظالمون في يوم الحساب، من الهلع والخوف والفزع. .
رأينا في الدرس السابق بدايات المصير الذي سيلاقيه الظالمون يوم القيامة: القيام من قبورهم ، والإسراع إلى الداعي الذي يدعوهم للمثول بين يدي الله عز وجل للحساب، وهم في حال شديدة من الفزع والخوف، حتى إن أعينهم لتبقى مفتوحة، لا يتحرك لها جفن مما يرونه من الأهوال، وقلوبهم خاوية، لا تحمل غير التفكير في المصير الفظيع الذي سيصيرون إليه.
وفي هذا الدرس عرض الاستمرارية المشهد انتقام الله عز وجل من الظالمين وغيرهم من المجرمين، وتعذيبهم جزاء ظلمهم وجزاء مكرهم؛ تحقيقاً لعدل الله في الجزاء، وسيكون ذلك في يوم ستتبدل فيه الأرض والسماوات إلى طبيعة جديدة ، لا يعلم إلا الله كيفيتها. سيقفون أمام الله عز وجل مكشوفين لا يسترهم ساتر، ليسوا في بيوتهم ولا في قصورهم التي كانوا يظلمون الناس فيها، إنما هم في العراء أمام الواحد القهار. وبعد الحساب العسير تبدأ مراحل العذاب الدائم الذي لا ينتهي : يقرن الظالمون والمجرمون اثنين اثنين في الأغلال والسلاسل، يمرون صفاً وراء صف، في منظر ،إذلال، يقابل ما كانوا عليه من الظلم والترفع على الناس، وتكون ملابسهم من قطران وهي مادة شديدة القابلية للالتهاب، قذرة سوداء؛ زيادة في إذلالهم ،وتحقيرهم ثم ينتهي المشهد بقذفهم في النار.
وفي النص الأتي - وهي الآيات التاليات لآيات الدرس السابق من سورة إبراهيم - عرض لهذا المشهد.
هذا تحديد ووعيد شديد للظالمين، وتسلية للمظلومين الذين لم يتمكنوا في الدنيا من القصاص لأنفسهم ممن ظلمهم. يقول الله تعالى مخاطبا نبيه : لا تظنن يا أيها النبي إذا رأيت الظالمين قد أمهلهم الله، وتركهم يتنقلون في الأرض آمنين، يتمتعون فيها بالمأكل والمشرب والمسكن والمليس، لا تظنن أن الله غافل عن أعمالهم، أو أنه لن يعاقبهم على صنيعهم، كلا! بل إنه يؤخر عذابهم ليوم شديد مفزع تنفتح فيه أبصارهم فلا تتحرك، ولا يطرف لهم حفن؛ وذلك لشدة ما ترى من الأهوال في ذلك اليوم.
والظلم هو وضع الشيء في غير محله، وترك الحق واتباع الباطل، والتعدي على الآخرين في دمائهم وأموالهم وأعراضهم. وهو ثلاثة أنواع : ظلم فيما بين الإنسان وربه، وظلم الإنسان لغيره من البشر ، وظلم الإنسان لنفسه .
فمن النوع الأول الشرك بالله، قال تعالى ل : إن الشِّرْكَ لَظُلْمُ عَظِيمٌ ، وسمي الشرك ظلما لأنه وضع للعبادة في غير محلها التي يجب أن تكون فيه، ومنه ارتكاب المعاصي وكل ما نهى الله
وأما النوع الثاني - وهو ظلم الإنسان لغيره من البشر فهو أن يعتدي على حقوقهم أو أعراضهم أو أموالهم أو دمائهم، ويدخل فيه كذلك السب والشتم والغيبة والنميمة. فاحذر - يا ولدي - أن تكون ممن يظلم نفسه بارتكاب المحرمات، أو يظلم غيره بالاعتداء عليهم، حتى لا تكون مشمولاً بالتهديد الوارد في هذه الآيات؛ فإن الظلم عاقبته وخيمة قال : «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة».
و النوع الثالث - ظلم الإنسان لنفسه ، ومثاله : الذنوب والمعاصي والتقصير في حق الله - تبارك وتعالي - والتقصير في جنبه ، وهذه تحب منها التوبة ، وهي موكلة إلى الله - تبارك وتعالى - إن شاء غفر الله له و إن شاء عذبه ، خلافاً لظلم الإنسان لغيره ، فيلزمه التحلل والاستسماح .
في هذه الآية يذكر الله - تعالى - كيفية قيام الظالمين من قبورهم ومحيتهم إلى مكان الحشر، فإنهم سيأتون مهطعين أي مسرعين في ذل وانكسار إلى الداعي الذي يدعوهم للوقوف بين يدي الله الله للحساب، رافعين رؤوسهم إلى السماء، ينظرون نظرة فرع وخوف، وأبصارهم شاخصة مفتوحة، وتتوقف أجفاتهم عن الحركة؛ بسبب ما ينتظرهم من العذاب والأهوال، وقلوبهم خالية من العقل والفهم من شدة الفزع، فهي كالهواء والخلاء الذي لا شيء فيه.